هل تستطيع السعودية الانتقام من الولايات المتحدة بسبب "جاستا"؟ - شبكة اخباري الاخبارية

هل تستطيع السعودية الانتقام من الولايات المتحدة بسبب "جاستا"؟



واشنطن- في الوقت الذي يتخوف الرئيس الأميركي باراك أوباما، والبيت الأبيض، والاستخبارات الأميركية، من تداعيات قانون “العدالة ضد الإرهاب”، المعرف إعلاميا بـ”جاستا”، أو قانون 11 سبتمبر، خصوصا على الجنود والدبلوماسيين الأميركيين في الخارج، فإن رد الفعل السعودي الرسمي، ما يزال يتسم بالتحفظ، وينحصر في أمرين، هما “التحذير من خطورة القانون”، وأنه “سيكون له التأثير سلبًا على جميع الدول، بما في ذلك الولايات المتحدة”، فيما بينما ارتفعت وتيرة الغضب السعودي عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ومطالبات بالرد و”المعاملة بالمثل”، و”تحريك قضايا أمام المحاكم ضد الأميركيين”.
الاستثمارات والأصول السعودية
الرئيس أوباما، البيت الأبيض، وجهاز الاستخبارات، يعرفون أن المملكة العربية السعودية، “الحليف الاستراتيجي” للولايات المتحدة منذ 72 عاما، تملك الكثير من الأوراق لمواجهة “جاستا”، وأن القانون كما يشكل خطرا على الاستثمارات والأصول السعودية في الولايات المتحدة، فإنه يشكل خطرا أيضا على المصالح الأميركية في السعودية بصفة خاصة، ودول الخليج، ومنظومة الدول العربية والإسلامية، التي أعلنت تأييدها للسعودية، ورفضها قانون “جاستا”.
خرق لسيادة الدول
“مايكل هايدن”، رئيس وكالة الاستخبارات الأميركية السباق، قال إن قانون “جاستا” -الذي يخول ذوي ضحايا هجمات الـ11 من سبتمبر/ أيلول 2001 من مقاضاة المملكة العربية السعودية ودورها المزعوم في هذه الأحداث- يعتبر “خرقا لسيادة الدول”، موضحا أن “المملكة العربية السعودية بإمكانها الرد بل، وبإمكانها الانتقام، لكن لا أعتقد أنهم سيقومون بذلك، نحن لدينا علاقات معهم، ومن وجهة نظري، أعتقد أن الكثير من الخطوات التي يدعو لها بعض الأشخاص ضد السعودية، ستكون مؤذية على أميركا تماما كما ستكون مؤذية للمملكة.”
الصفحات الـ28 السرية
أضاف “هايدن” أنه “عندما نخرق الحصانة السيادية، فإن أكثر الدول على وجه الكرة الأرضية التي يمكن أن تخسر جراء ذلك هو الولايات المتحدة الأميركية”، موضحا أن “العديد من الأشخاص تابعوا الصفحات الـ28 السرية في تقرير هجمات الـ11 من سبتمبر، وتوصلوا في النهاية إلى أنه وببساطة لا توجد أي قضية لها صلة بين الحكومة السعودية أو مسؤولين بالمملكة، وبين الهجمات بأي شكل من الأشكال.”
المخاوف المشروعة
زعيمة الديمقراطيين في مجلس النواب الأميركي، نانسي بيلوسي، اعتبرت مخاوف الرئيس أوباما من تأثير القانون على علاقة الولايات المتحدة بحلفائها “مشروعة”، وأقرت بأن القانون “كان يمكن كتابته بطريقة مختلفة قليلا، لمراعاة بعض المخاوف”، وان “توقيت اتخاذ الكونغرس لهذه الخطوة جاء بسبب ضغط عائلات ضحايا هجمات 11 سبتمبر لتمرير القانون، بالتزامن مع الذكرى الخامسة عشر لمقتل أحبائهم” في الهجمات التي وقعت عام 2001.
إضعاف الحصانة السيادية
وعلى الصعيد السعودي الرسمي، قال مجلس الوزراء في جلسته يوم الاثنين، برئاسة الملك سلمان بن عبد العزيز، إن “اعتماد قانون “جاستا” في الولايات المتحدة يشكل مصدر قلق كبير للمجتمع الدولي، الذي تقوم العلاقات الدولية فيه على مبدأ المساواة والحصانة السيادية، وهو المبدأ الذي يحكم العلاقات الدولية منذ مئات السنين.”
وزير الثقافة والإعلام، عادل الطريفي، أوضح  في بيان لوكالة الأنباء السعودية الرسمية “واس”،  أن قانون “جاستا” من شأنه “إضعاف الحصانة السيادية، والتأثير سلبًا على جميع الدول بما في ذلك الولايات المتحدة”، معربًا عن الأمل بأن” تسود الحكمة وأن يتخذ الكونجرس الأميركي الخطوات اللازمة من أجل تجنب العواقب الوخيمة والخطيرة، التي قد تترتب على سن قانون جاستا.
معايير تعسفية
أما ردود الفعل الرسمية العربية والاسلامية، فلم تخرج عن الاستنكار والتنديد بالقانون، ففي بيان لمنظمة التعاون الإسلامي، قالت فيه إن قانون “جاستا” الذي يخول ذوي ضحابا هجمات 11 سبتمبر/ أيلول من مقاضاة المملكة العربية السعودية ودورها المزعوم في الهجمات، يعتبر “خرقا للقوانين الدولية التي استمرت لقرون من الزمن”.
ووفقا لبيان المنظمة “إن ردود فعل المجتمع الدولي تجاه هذا القانون، تؤيد ضرورة التمسك بما استقرت عليه دول العالم منذ مئات السنين، من أنه لا يجوز لدولة ذات سيادة أن تفرض سلطتها القضائية على دول أخرى ذات سيادة، استنادًا إلى معايير تعسفية كوسيلة لممارسة الضغوط السياسية والاقتصادية، وإلا اعتبر الأمر خرقًا لاستقلال الدول وانتهاكًا صريحًا لمبادئ مستقرة في القانون الدولي، وفي العلاقات بين الدول.”
وقالت التعاون الاسلامي إن “هذا القانون الأحادي يفتح للأسف الشديد الباب أمام فوضى واسعة في العلاقات الدولية، ويمس تنظيمًا قانونيًا دوليًا ثابتًا ومستقرًا، ويهزّ من هيبة النظام القانوني الدولي بأكمله، من حيث أن التشريع المذكور قد يطلق يد الدول في إصدار تشريعات مماثلة، كرد فعل منتظر لحماية حقوقها.”
الوضع الدولي المتأزم
وأشارت المنظمة إلى أن “الوضع الدولي المتأزم الذي نعيشه الآن، والمآسي الإنسانية التي نراها كل يوم، ينبغي أن تكون دافعاً للجميع، خصوصا للدول الكبرى، لتأكيد احترامها والتزامها بقواعد القانون الدولي، والبحث عن حلول لتلك الأزمات الدولية، في إطار القانون الدولي وتحت مظلته، وليس بخرقه وانتهاكه، وإلا فإن العالم سيتجه للأسف لمزيد من الفوضى والظلم والعدوان.”
أردوغان والوقوف بجانب المملكة
الرئيس التركي رجب اردوغان، قال في مقابلة تلفزيونية، إنه “يأسف لإقرار قانون جاستا”، وأكد أنه “سيتخذ خطوات في هذا الموضوع بصفته رئيس منظمة التعاون الإسلامي”، وإنه وجه وزيري الخارجية والعدل للوقوف إلى جانب المملكة، لتصحيح هذا “الخطأ الكبير”، موضحا أن سيقوم بدراسة قانون جاستا مع السعودية من الناحية القانونية، و”بعد ذلك تقييم مشترك لاتخاذ الخطوات اللازمة” حيث أن هناك “تطورات وقحة ضد العالم الإسلامي؛ فتركيا والسعودية مستهدفتان وكذلك دول أخرى مثل العراق وتونس وأفغانستان”، وأشار إلى أن “كافة المخططات موجهة للعالم الإسلامي، وعلى بلداننا أن تتضامن.. وإذا لم يحدث التضامن سنخسر الكثير وسيستمر النزيف، كما يحدث في سوريا وحلب خصوصًا”.
10 بنود
لكن ما هي البنود في قانون “جاستا”، التي تشكل خطرا على السعودية؟، هناك عشر مواد هي القانون:
*المادة الأولى تنص على اعتبار الإرهاب مشكلة خطيرة، تهدد المصالح الحيوية للولايات المتحدة الأميركية.
*لمادة الثانية تنص على أن الإرهاب الدولى يؤثر سلبًا على حركة التجارة الداخلية والخارجية لأميركا، باعتباره يلحق ضررًا بالتجارة الخارجية، وينسف استقرار السوق، ويضيق على حركة سفر المواطنين الأميركيين إلى خارج البلاد، وعلى قدوم الزائرين الأجانب إلى الولايات المتحدة.
المنظمات الإرهابية الأجنبية
* المادة الثالثة تنص على أن بعض المنظمات الإرهابية الأجنبية -دون أن يذكر القانون أسماء أي منظمات منها- تنشط من خلال أفراد أو مجموعات تابعة لها في جمع مبالغ ضخمة خارج أميركا، وتوظيفها لاستهداف الولايات المتحدة.
* المادة الرابعة من القانون تنص على أنه من الضروري معرفة الأسباب الموضوعية وأبعاد المسؤولية القانونية، بشان الأفعال التي تحض على تقديم المساعدة وتدعو للتحريض والتآمر.
* يسمح بمقاضاة دولة ما قضائيًا، من قبل الأميركيين أنفسهم، كما يمكن أن يحدث في حال مقاضاة السعودية على خلفية هجمات 11 سبتمبر.
* المادة الخامسة تنص على أن الأشخاص أو الجهات أو الدول، التي تساهم أو تشارك فى تقديم دعم أو موارد، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، لأشخاص أو منظمات تشكل خطرًا داهمًا، وارتكاب أعمال إرهابية تهدد سلامة مواطني الولايات الأميركية أو أمنها القومي أو سياستها الخارجية أو اقتصادها، يتوقع جلبها للمثول أمام المحاكم الأميركية للرد على أسئلة حول تلك الأنشطة.
مصلحة حقيقية
*المادة السادسة من القانون تنص على أن لدى الولايات المتحدة مصلحة حقيقية فى توفير الأشخاص أو الجهات التى تتعرض للإصابة، جراء هجمات إرهابية داخل أميركا، بالمثول أمام النظام القضائى من أجل رفع قضايا مدنية ضد أولئك الأشخاص أو الجهات أو الدول، التى قدمت دعما -سواء بشكل مباشر أو غير مباشر- إلى أشخاص أو منظمات تعتبر مسئولة عن الإصابات التى لحقت بهم.
* حدد القانون مدة إيقاف الدعوى بألا تزيد على 180 يومًا، كما يحق للمدعي العام مطالبة المحكمة بتمديد فترة إيقاف الدعوى لمدة 180 يومًا إضافية.
* يتيح هذا القانون مقاضاة المملكة العربية السعودية، من أسر ضحايا هجوم 11 سبتمبر، بالرغم من عدم وجود أدلة تدين السعودية أو تثبت تورط حكومتها.
تعويضات مالية
* ينص قانون العدالة ضد الإرهاب أيضًا، على أنه لن تكون هناك دولة أجنبية محصنة أمام السلطات القضائية الأميركية، فس أى قضية تتم فيها المطالبة بتعويضات مالية من دولة أجنبية، نظير إصابات مادية تلحق بأفراد أو ممتلكات أو نتيجة لحالات وفاة تحدث داخل أميركا، وتنجم عن فعل إرهابي أو عمليات تقصيرية أو أفعال تصدر من الدول الأجنبية، أو من أي مسئول أو موظف أو وكيل بتلك الدولة أثناء فترة توليه منصبه، بغض النظر إذا كانت العمليات الإرهابية تمت أم لا.
750 مليار دولار
“شمس الدين النقاز”، الصحفي والباحث في الجماعات الإسلامية، يقول إن الورطة القانونية الكبيرة التي وقع فيها ساسة أميركا، دفعت ولي العهد السعودي، ووزير الداخلية، الأمير محمد بن نايف إلى القول إن “بلادنا مستهدفة وسنحصن أنفسنا”، وتساءل “النقاز” قائلا ” ولا  نعرف ما هي التحصينات التي تحضّرها المملكة، لحماية أصول رسمية تقدر بـ750 مليار دولار على شكل سندات وأصول أخرى، داخل الولايات المتحدة.”
قانون “البلطجة”
“النقاز”، قال إن الغرض الذي شرّع من أجله قانون “البلطجة”، جاء في سياق توفير أوسع نطاق ممكن للمتقاضين المدنيين للحصول على تعويض من الأشخاص والجهات والدول الأجنبية، التي قامت بتقديم دعم جوهري سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، لأفراد أو منظمات تعتبر مسؤولة عن أنشطة إرهابية ضد الولايات المتحدة، وإن كان البعض قد فهم مباشرة أن السعودية هي المعني الأول بهذا القانون، إلا أن آخرين شككوا في ذلك، وزعموا أن الموضوع محسوم والمملكة بعيدة كل البعد عن هذه النصوص القانونية، فلجنة التحقيقات الخاصة بأحداث 11 سبتمبر، خلصت إلى عدم تورط السعودية كدولة في أي نشاط إرهابي داخل الولايات المتحدة، رغم أن العدد الأكبر من منفذي الهجمات الأدمى في تاريخ أميركا كانوا سعوديين.
الفلسطينيون وإسرائيل
أستاذ القانون “ستيفن أ. فالديك” حذر في مقابلة صحفية أجراها معه ونشرها الموقع الإلكتروني لمجلس العلاقات الخارجية الأميركي، من أن قانون “العدالة ضد رعاة الإرهاب”، يمكن أن يضع سابقة لمجموعة من القضايا التي لا علاقة لها بهجمات 11 سبتمبر ضد دول أجنبية بالمحاكم الأميركية، وضد أميركا بمحاكم خارجية، مضيفا أن هذا القانون يسمح برفع قضايا ضد دول أخرى تتعلق بـ”الإرهاب الدولي”، الذي يتسبب في الإضرار بأميركيين، حتى إذا لم تعتبر أميركا تلك الدولة راعية “للإرهاب”، فيمكن لهذا القانون أن يسمح للفلسطينيين الأميركيين مقاضاة إسرائيل في الولايات المتحدة.-(التقرير)